الرومانسيون ينتحرون
prose
رسالة مستعادة
عزيزي مالك الرابعة صباحاً ولا جدوى من النوم، تقلبت في الفراش تكورت على نفسي، نظرت إلى السقف المظلم حاولت أن أجذب النوم إلى لكن لم ينفع، وجدتني أجلس لأكتب لك بعض هلاوس ما وراء النوم.. في كثير من الأحيان أجد نفسي مضطراً لرفع سماعة الهاتف لمكالمتك، أنت في ما وراء المحيط وأنا هنا في هذه الجزيرة التي خرج منها كل شيء ولم يعد إليها، أتخيل، ولا أتذكر، أتخيل الماضي الذي حدث في وقت من الأوقات في قارة الصحراء استغرب أن هكذا أشياء قد حدثت، بل أنني وصلت إلى درجة بهتت فيها ألوان مدينتنا هناك.. وماذا بعد، ماذا يجدي بعد؟ هل […]
مختصر عبثي للدخول إلى الجنة
لا تمر من هذا الطريق.. امامك خيار التوقف او العبور على جثتك ضع يدك امام وجه المساء وارفع الرأس الذليل ليلطمه الكبرياء.. لا تفرح في هذه الارض.. فربما لن تجد فرصة لابتسامة جديدة يوم ينقطع السبيل.. لا ترحم احداً كل يوم.. فقريباً ستسرع نحو هاوية العسل والحليب وسترى الفجر نضراً بين ثنايا الصراخ المهين لا تحب إلا صورتك في الظلام فستلامس انامل الوهم المتيقن فوق ارائك من رياء وكذب.. لا تنتشل نفسك من المهالك فالحواف دائماً مهترئة والصراط اعرض من حلمك الهش لا تنطق بالحقيقة.. فالبياض غير مسالم والبصر يعمى امام تحديقة الموت الماكرة […]
مبتسماً كالجنة..
نعود إلى مشهد اخر، نصبح اطفالاُ نجلس بالمقعد الاخير في الصف، اتذكره الآن، يخبرني عن احلامه وطموحاته، يفرد صفحة من كراسته المدرسية ويرسم بداخلها ما بدا له، ألمح اسمه يشتعل بحياة بغلاف الكراسة. اجلس بجانبه وألمح شعره الكث ويخبرني لما أتمعن في شعره، لا ارد، فهذا المشهد له وحده، يضع قلمه الرصاص على المقعد ويقول باطمئنان، في المستقبل سافقد هذا الشعر وساصبح مثل ابي، يلتفت لي يبتسم، كم هي عريضة ومبهجة ابتسامته، تتسع الابتسامة وتتحول إلى ضحك برئ. اقترب يقول لي اريد ان اهمس بشيء في اذنك، اقترب، ادني سمعي قرب فمه، يبوح لي بكل شيء، بما سيأتي وما سيكون، […]
صفحة من مذكراتي: لا أجد متسعاً لحزن جديد
عشر سنوات.. أعيدوني إلى حضني الدافئ.. اليوم الأول.. ترقبوا ما لم يأتْ وهل من مفر.. السنوات تتلاحق.. طرقات تتكرر بلا ملل.. جحيم البداية تحول إلى سمو الجنة الموعودة، عشر سنوات أجدني ملقىً.. بعيداً.. بعيداً، المكان لم يعد المكان والزمن تحرك مخلفاً بقايا حطام أيام لا تبلى حتى بعد عدة محاولات لاغتيالها.. الحاضر المنتحر تحول إلى ماضٍ يصعب إخفاء ابتسامته الباهتة بوضوح.. انبري بكم ولا أجد أحدكم.. أزوركم أستبقيكم لآخر النهار.. أسئلة وقحة تتنزل من عليين.. عشر سنوات.. لماذا ؟ عشرة أشهر.. كيف ؟ عشرة أسابيع.. أين ؟ عشرة أيام.. سحقاً.. عشر ساعات.. عشرة دقائق.. عشرة ثواني.. عشرة.. عشرة.. أشخاص اندثروا.. […]
مشاهد فوضوية من تحت الارض
“هنا فينشلي روود، المحطة التالية بايكر ستريت” * “شاب يطعن حتى الموت في اكسفورد ستريت ظهراً” عنوان الصفحة الرئيسية من جريدة المترو الصباحية (المجانية) التي يطالعها الرجل الجالس امامي في القطار. * حوار ليبي – بريطاني (حوار خيالي لا اساس له من الصحة): –الاسعار شايطة فيها النار، حتى الماية شكلها ح يرتفع سعرها في الشهر الجاي. –تي خليك ساكت الكهربه شكلها ح ترتفع حتى هيا. –يا حسرة علي ايامات الواحد كان يجبد في الكهربه من الصندوق اللي في الشارع. –يا حسرة تي انت مسكين، تي نعرف واحد يخدم في الجو هذا. –وين هذا هني في لندن –ايه هني في لندن، […]
الرومانسيون ينتحرون
خذني من يدي واقذفني إلى ما قبل الفجر بقليل.. هلال الشهر الاخير يتألق في سماء هذا الشتاء الانيق ومساحة من البرد تعتلي المسافة بين الحلم والآن. اعدني إلى حيث الاشجار لا تسقط اوراقها.. صفراء يائسة.. إلى حيث رائحة اول المطر تجبرني على الولادة كرة اخرى.. خذني من ذراعي وانثر دمي فوق الجمع الصغير هذا العشاء.. واكسر من جسدي رغيفاً مالحاً في مواجهة هذا العطش اعدني إلى محيا الطفل الذي سيكون.. متوارياً بشغف خلف ترقبه الاليف.. ارسم له وجهاً بعينين زرقاوين.. أو ربما خضرواين وشعراً اجعد يميل للحمرة وابتسامه هاربة من بكاء الحليب. هنا يقترب الرومانسيون من لحظة انتحارهم الحاسمة ويلوذ […]
أخسر دائماً…
سأقصر عذابي على بضعة أمتار من مكان وجدران من المرايا العاكسة لوجهي.. وقليل من الشفقة.. أجبرني على سحل الثواني إلى حتفها وأحتزن ما يليق لموت جديد أتمنى لها مساءً رائعاً.. تجيب بلكنتها المتعالية “تشرفنا”.. أمد يدي فلا تصل تسقط أصابعي برفق، تتبعها باقي اليد حتى المعصم.. أرتدي حزن هذا المساء وأذرع الارصفة حتى الصباح.. سأعترف كالآخرين أنني أنكر مجئ من ذلك المكان البرتقالي.. سأعترف أنني أحتاج لعمر آخر، ودقائق أخرى لانتقم من قاتلي.. دع عنك قصصي المفرطة الكذب وأنظر لوجهك في الجدار.. ستفتح فجوة بعد قليل في تجاعيد جبينك تبتلع مياهك المالحة أغرز ذراعك المفقوءة فيها وأنزف بعمق استلقي ولا […]
الرسالة 14
عزيزتي الغالية…تعجزين عن التصديق.. إمراءة كاملة العنفوان والكبرياء.. ممتدة من حدود بحرك ترسلين جدائلك للريح.. تعبثين بمصيري.. نعم مازلت تعبثين بي.. تمسكي بأطرافي تقتصين لنفسك بعضاً مني وأعجز عن مجاراتك عبثك.. لا أملك أمام أنوثتك سوى ان استمر في التحديق بك..عند الصباح سأستيقظ بهدوء لكيلا أوقظك.. أحدق بك، متكورة بين أغطية الفراش.. مسحة من الاكتفاء والراحة تنام على وجهك النضر.. أمسك أطراف خصلاتك.. أقربها لأنفي.. استنشق حياتي.. أعود شاباً قبل عشر من سنين مضت.. عندما كنت أحبك بجنون العواصف..ابتعدي.. نعم اعيدها ألف مرة على مسامعك.. افسحي مجالاً لجسدي ليعبث بك.. ليذيبك في متاهاتي.. أحيلك ذرات رمال تشبه الوطن.. مضاعٌ أنا […]
الرسالة 13
مساء جميل… أعيشك كل لحظة.. أترك حجرتي صباحاً، تاركاً النافذة مشرعة.. تتسللين من ورء آجمة الزعتر والأكليل.. تنتشرين فوق الفراش محبة واشتياق.. تمسكي بالوسادة تستنشقين رائحة شعري الذي علق بعد يقظة الليل.. تأخذين أوراقي بين اناملك تقتفين أثر الحبر بعينيك.. تسيرين وراء الأحرف والكلمات تنتظرين حضور اسمك بلا طائل.. تمتنع دمعتك عن السقوط.. ترحمين حالك تزيحي تمنعك وتكشفين عن آخر أسرار جسدك.. تبوحي بها لأطياف المكان.. أقترب من حضورك.. أفتح الباب أشعر بلذة الوصول تختفي.. الفراش يكشفك.. وقبلتك على الوسادة لا تبذل جهداً لفضحك.. أوراقي المبعثرة أسعى للم شملها.. استنشق هواءك المختلط برائحة الزعتر والاكليل… أعشق ولهك بنرجسيتي تجاهي.. اعشق […]