شعر: دون باترسون اذن هل سيموت هذا المكان السحري معنا؟ اقصد ذاك العالم حيث ما تزال الذاكرة تتشبث بشهقة حياتك المبكرة: الظل الابيض للحب الاول، ذاك الصوت الذي صعد ونزل مع قلبك، الكف التي حلمت بامساكها في كفك… كل تلك الاشياء العزيزة المحرقة والتي اشرقت علينا، لتضيء السماء الداخلية؟ هل سيختفي هذا العالم كله حين نموت، هاته الحياة التي جعلناها جديدة بطريقتنا؟ هل كانت بوتقة الروح وسندانها تكد للغبار وللريح؟ ____________________ * ترجمت عن الانجليزية من ديوان الشاعر المعنون (الاعين)
Paterson
دون باترسون: ثلاث قصائد (ترجمة)
العينان عندما توفيت حبيبته قرر أن يهرم أغلق على نفسه المنزل الفارغ، لوحده مع ذكرياته لها والمرآة المشمسة الضخمة حيث كانت تمشط شعرها. هذه الكتلة الذهبية الكبيرة التي يدخرها مثل بخيل، معتقداً أنه هنا على الأقل سيحبس الماضي، بتركه إحداها سليماً. ولكن مع مطلع الذكرى السنوية الأولى، بدأ يتساءل، من شدة هلعه، عن عينيها: أكانتا بنيتين أم سوداوين، أم رماديتين؟ خضراوين؟ يا إلهي! لا أستطيع أن أجيب… في إحدى الصباحات الربيعية، انهار شيء ما بداخله. حاملاً آساه التوأم كالصليب، أغلق الباب الأمامي، استدار ناحية الشارع وما أن مشى عشر ياردات، في زقاق مظلم، لمح عينين تلمعان. انزل حافة قبعته وتابع […]
ميجيـــــــل Miguel
للشاعر: دون باترسون أجلسُ هنا، في الفِنَاء القديم بجانبِ غيابِك. لقد اصبح الفناء بئراً سوداء. كنا سنلعبُ، الآن… اسمعُ ماما وهي تنادي “اهدأوا يا أولاد !” سنضحك، وامضي للاختباء حيث لن تجدني – تحتَ الدَرَج، في الصالة، في العلّيا… ثم سنتبادل الأدوار وتفعل مثلي. لقد كنا نجيدُ تلك اللعبةَ جيداً، يا ميجيل. كل شيء ينتهي دائماً بالدموع. لم يكنْ أحدٌ يضحك في تلك الليلة من اغسطس لقد ذهبتَ للاختباء مجدداً، كان الوقت متأخراً ويكاد الفجر يبزغ. ولكن أخاكَ طفقَ يبحثُ ويبحثُ عنكَ دون أنْ يعثرَ عليك. تزاحمهُ الاطياف. أسرِع يا ميجيل وأظهر نفسك؟ ستقلقُ ماما عليك. __ * عن ديوان (مطر) […]
الكذبــــــــــــة
للشاعر: دون باترسون كما هي عادتي، استيقظتُ ساعةً كاملةً قبلَ مَنْ في البيتِ كي اتأكد أنَّ كلَ شيءٍ مُرتب كما يجبْ مع الكذبة، تم تغيير قطَّارة الماء واحكام الاغلال. لقد اصبحتُ معتاداً على هذا النظام حتى أنني تذكرتُ مرورَ ثلاثة عشر سنةٍ أو أكثر منذ المرة الأخيرة التي احسستُ بالحاجةِ للتحديق في عينه. أو هكذا ظننتُ علاقتنا. كنتُ منشغلاً بفحصِ رباطاً ما حينما تعثرت بخيطٍ مهترئ، ونزعتُ، دون انتباهٍ، كمامته، ولأنه لم يصرخ، واصلت كما في السابق احكامَ اربطته. لماذا سمّيتنَي الكذبة؟ قال لي. أقسمُ: أنني سمعت صوتَ طفل. رفعت بصري عن الارض. لقد حوّل الظلامُ عينيه إلى حليبٍ وسماءْ […]
الخطــــــــــــــأ
للشاعر: دون باترسونكما هو الطير للهواء وكما هو الحوت للبحر فكذلك هو الانسان لحلمه فعالمه هو مجرد بريق لمنفعة العالم المنعكس بشعاع عينه فكل عقل متأمل في الذات مقدر له بهذا الشكل أن ينسى عنصره ولهذا نكتشف بالرغم من انصاتنا بعمق أن السماء صامتة. __ * عن ديوان (مطر) دار نشر فايبر اند فايبر – لندن – 2009
لماذا تسهر لوقت متأخر؟
للشاعر: دون باترسون سأخبرك، إن كنت حقاً تريد أن تعرف: هل تذكر ذلك اليوم قبل عامين عندما تهت بالقرب من برك الصخور وجلست لتلعب دور الصائغ بكل الاحجار التي سرقتها من الشاطئ؟ اتخذ أغلبها لوناً قاتماً وحسب، ولكن احياناً تومض احداها لوناً خفياً سجن في مكان ما خلال نومها الحجري هكذا كنت تعرف القطع التي ستحتفظ بها. وبهذا فإنني أجمع الاشياء الباهتة والبليدة خلال اليوم والتي ارى فيها بعض الأمل قد تكون ميتة ولكن بها المفاجأة التي لم اتوقعها، والتي لا أملك بركة كي تساعدني على التمييز بينها لذا فإنني انظر إليها وانظر إليها مراراً حتى أجد شيئاً واحداً يصنع […]
شجرتان
للشاعر: دون باترسون نهض دون ميجل في ذلك الصباح من فراشه وفي رأسه فكرة واحدة راسخة: القيام بتطعيم شجرة البرتقال بشجرة الليمون. احتاج ليوم كامل لفصل تشابكهما. شقهما من الجانبين، وشدهما معاً بقوة. مر اثني عشرة شهراً لم يثمرا خلالها شيئاً، ربما خجلاً أو خوفاً، ولكن في احد الايام ظهر ضوئين بين الأوراق الداكنة. مرت السنوات التفت الفروع حول نفسها حتى بدا أن لكل غصن ثمرتين، ولم يبقى طفل في القرية لم يعرف الشجرة السحرية في حديقة ميجل. غير أن الرجل الذي اشترى البيت كان بلا حلم فلا يعرف اي نزوة سوداء خبيثة جعلته يحمل فأسه ليشق الساق خلال الجذع […]
الريـــــح
الشاعر: دون باترسون في احد الايام أرتفع الريح ليحدثني. ادهشتني رائحة نفسه العابق بالياسمين. “هذا العطر لك ايضاً، إن اخترت ذلك، دعني فقط أحمل شذا ورودك” أجبته “ورودي؟ لكنه لم يتبق شيء منها” “كل زهور بستاني ماتت” تنهد وقال.”اعطني البتلات الذابلة، ثم الأوراق التي تخشخش في النافورة الفارغة” وبذلك تركني راحلاً. لأسقط باكياً على البستان الذي طلب مني الاعتناء به. ___ * عن ديوان (مطر) فايبر اند فايبر – لندن – 2009
اغنية السماء
الشاعر: دون باترسون قالت الزهرة للمحارة: إنك تلمعين قالت المحارة للبحر: إنك تصدح قال البحر للقارب: إنك ترتجف قال القارب للنار: إنك تتوهجين قالت النار: أقل من عينيها قال القارب: أقل من قلبك قال البحر: أقل من اسمها قالت المحارة: أقل من رغبتك ألتفتت الزهرة تجاهي وقالت: إنها جميلة قلت: نعم، إنها جميلة جميلة حتى أنني أجد صعوبة في البوح بها ____ * عن ديوان (مطر) فايبر اند فايبر – لندن – 2009