غادرتُ دفءَ وحشةِ شقتي، قرابة الظهر، في يوم أحد. وسرتُ، على قدمين واهنتين، متمهلاً، وحيداً، لا ألوي على شيء، باتجاه محطة قطارات ويمبلدون، حين لمحته، صدفةً، في الكسندرا روود، ملتحفاً صـمته، وقابعاً وحيداً، على إفريز نافذة شقة في الطابق الأول. وقفتُ، مشدوهاً، غير مصدق. أحسست بتسارع دقات قلبي، وشعرت بموجة من حنين ونور شفيف كالطفولة تلمس بنعومة شغافي. صرخت بصوت هامس: “مَحْبِس نُوارنا!”. للحظة، اعتقدت أنّ أحداً ما ـ صديقاً من أصدقائي أراد المزاح معي ـ قد أزاحه من مكانه في شرفة شقتنا، في الظهرة، بطرابلس، وأحضره معه إلى ويمبلدون، بجنوب غرب لندن، ووضعه، عمداً، على إفريز تلك النافذة الصامتة، […]
جمعة بوكليب: نهارات لندنية – فصل من رواية
