بالرغم من التطور الذي تشهده الثقافة العربية من حيث ادوات التعبير المستعملة إلا أن الشعر ما يزال هو اهم الوسائل المستخدمة لإختزال واقعنا المعاش، وبرغم المساحة الكبيرة التي اصبحت تمثلها الرواية والسرد القصير والطويل بشكل عام لتدوين تاريخنا والتعبير عن مجتمعنا فإننا ما نزال ننتج الكثير من الشعراء.
في الكثير من البلدان العربية لم نعد نسمع بالجدل القديم والمعاد بين حين وآخر حول الانواع الشعرية المتطورة في الادب العربي، فالشعر العمودي (المقفى الموزون) افسح مجالاً لشعر التفعيلة (الموزون غير المقفى في اغلب الاحيان) والذي بدوره افسح مجالاً لما عرف بقصيدة النثر (غير موزونة وغير مقفاة ولا تعتمد اي موسيقى أو ايقاع في كتابتها وانما على الصور والعبارات القصيرة).
الكثير ممن التقيهم من خارج الوسط الادبي والثقافي في ليبيا ما يزالوا يرون أن قصيدة النثر ليست شعراً بل منهم من يذهب إلى حد عدم الاعتراف بقصيدة التفعيلة.
ما جعلني استرجع هذا الجدل هو ما قرأته من تعليقات وردت على قصيدة للشاعر الليبي خالد درويش نشرت على صفحات جريدة ليبيا اليوم الالكترونية قبل بضعة ايام، وقبلها قصيدة للشاعر عبد الوهاب قرينقو، والجدل حول شاعرية قصائد علي صدقي عبد القادر.
وبغض النظر عن اشكالية الاختباء وراء اسماء مستعارة للتعبير عن وجهة نظر شخصية حول موضوع ادبي ثقافي بحت لا يحتمل اي خوف من انتقام او غير ذلك، فإن الكثير من التعليقات ركزت حول مسألة أن ما كتبه خالد درويش والاخرين في قصيدته النثرية ليس من الشعر في شيء، وهو ما ينسحب على كل ما يكتب في هذا المجال مما اجمع اغلب النقاد على تصنيفه كشعر لا يتميز بالايقاع والموسيقى الداخلية المشهورة في الشعر العربي القديم والمعاصر كذلك.
وبعيداً عن مناقشة هذه القصيدة او تلك من حيث مدى قوتها أو شعريتها أو استخداماتها لعبارات معينة دون غيرها، فإن ما يلفت الانتباه أن الشعر العربي المعاصر في حالة كانت أغلبية المطلعين يحملون رأياً رافضاً لشكل قصيدة النثر لم يعد يحمل الشعبية التي تميز بها عبر العصور بل ان هناك من يرى ان الشعر العربي بشكله الحالي اصبح لوناً ادبياً نخبوياً يكتبه الشعراء للشعراء وهذه فئة في غالبها تنحاز لمشروعها الثقافي والادبي.
الاسئلة التي تطرح نفسها وتحتاج إلى اجوبة:
هل تقرأ الشعر، سواء في الانترنت اومطبوعاً أو في كتاب؟
وما هو الشكل الذي تفضله للشعر (عمودي، تفعيلة، نثر)؟
هل ترى ان قصيدة النثر شعر؟
هل تتفق مع أن الشعر العربي المعاصر تسبب في ابتعاد الجمهور عن الشعر بشكل عام؟
هل ترى ان الشعر العربي المعاصر اصبح يكتب للنخبة ولم يعد يعبر عن المجتمع؟
وهل ترى اي جدوى لوجود الشعر بكافة اشكاله في واقعنا الحال؟
ارجو اثراء النقاش بارائكم وتعليقاتكم