"بدأنا وقلت لها. قالت واخبرتها. كان ذاك كيف بدأنا ولكن. مرة أخرى، تكلمت واخبرتها. كنت دقيقا. دقيقا. اجلستها وكنت دقيقا."
هكذا تبدأ مسرحية الكاتب الليبي بالانجليزية هشام مطر والتي عرضت مساء البارحة الثلاثاء 23/07/2013 ضمن مناشط مهرجان "هوتبيد" المسرحي في احدى قاعات مسرح سوهو، في القلب الثقافي للعاصمة لندن.
المسرحية ذات الفصل الواحد والممثل الواحد هي اولى أعمال الكاتب هشام مطر المسرحية بعد ان حقق نجاحا متميزا على المستوى الروائي من خلال روايتيه (في بلاد الرجال 2006) و(تشريح اختفاء 2011).
تبدأ المسرحية بجلوس الشخصية المركزية والوحيدة وسط الخشبة على كرسي وطاولة مربعة عتيقة، ويواجهنا بحوار او سرد لحوار دار بينه وبين امرأة قد نتصور انها صديقته او زوجته. يحادثنا الممثل عن حواراتهم المتنوعة والتي تنحو إلى الغرابة والسخرية، والعبثية العابرة والمألوفة، وينقطع السرد الدرامي بمواجهة الجمهور ببعض الاسئلة والتي وجدتني في البداية احاول ان امنع نفسي من الاجابة عنها: "كم عددكم؟" "هل تعرفون اخرين؟!" "هل لديكم اطفال؟!" "هل لدى اطفالكم اطفالا؟!".
ثم يتواصل السرد الدرامي ليعرج إلى محاولة الشخصية وزوجته البدء من جديد في مكان اخر، بعيدا عن هذا المكان الحالي، ليدخل في التفاصيل التي اتبعها الزوجان لبدء حياتهما في مكان جديد، لتبقى الاسئلة الصعبة تواجهنا مرة اخرى في هذا السرد الاحادي، "هل انتم مؤذون؟ وإلى اي مدى يمكنكم الايذاء؟"
المسرحية والتي استمرت لعشرين دقيقة تعبر عن محاولة الولوج إلى الاجابة عن سؤال وجودي وهو "كيف نبدأ؟" او "كيف ابدأ؟"، البداية المرهقة التي تواجهنا في كل لحظة نجد فيها انفسنا في حالة يقظة في هذا العالم المليء بالاسئلة التي لا تبحث عن اجابة بقدر ما تبحث عن وسيلة لاستيعاب تلاحقها اللامنتهي.
المسرحية هي نتاج تعاون بين هشام مطر و"ديفورا باوم" استاذة الادب الانجليزي بجامعة ساوثهامبتون وعن هذا التعاون يقول هشام ان ما يثير اهتمام الكاتبين هو "عدم القدرة على الولوج إلى اصل المرء، عدم القدرة على استيعاب حياة الواحد منا او معرفة ذاته، او اي احد اخر، وخرافة الاصالة التي تدفعنا إلى الرغبة في البدء مرة اخرى مرة تلو والمرة."
المسرحية قام باخراجها باتريك موريس ومثلها مارك اوستيرفيين، ويأمل الكاتب هشام مطر ان تكون "كيف نبدأ" باكورة اعمال مسرحية قادمة له في الفترة القادمة.
___________________________
* الصورة للممثل مارك اوستيرفيين مؤديا الدور الرئيسي والوحيد للمسرحية.