هناك دائماً من سيثير غثيانك.. هو فقط من سيقتات على حزنك.
تجلس معهم، تستمع لحديث يذكرك بالقديم، تدعي أنك تتابع ما يقوله، ايماءة، تحديقة في العين، ابتسامة مخاتلة، وهمهمة مبهمة تعد بالاستمرار.
تدعي اهتمامك بحديث يثير فيك احساساً بالقلق لكنك تنظر إلى ما وراء مخاطبك، تلمح زبوناً نهماً يأكل قطع من السوشي في الطاولة المقابلة، تشعر بالالم.
ما الذي اثار فيك هذا الغثيان؟ هل حديث الملايين المنهوبة في زمن قريب؟ ام ادعاء مخاطبك امتلاكه قلب ملاك؟ أم آكل السوشي في الطاولة المقابلة؟
مازال يقتات حزنك على شعورك بالمهانة كلما وجدتك تنظر إلى صورتك المملة على زجاج القطار، تبتعد الصورة في النفق، وتبقى على الرصيف تنتظر حزناً آخر.
لطالما ذكرتك بوعدك القديم بالعودة إلى بيتها، اصبحت تعلم بأن عدم وفائك لا دخل له بخجلك المرضي، وانما بايمانك أنك تستحق ما هو أفضل منها.
ولهذا مازلت تقف وحيداً بعد منتصف الليل في محطة خلت من المنتظرين، تمارس طقوساً خرافية من الصبر والرجاء، رغم علمك بأن الجنة لا تنتظرك.
هي تشبه حكايتك القديمة معها، غير أن الفارق أنك حينها فقدت قدرتك على الكلام، قضمت لسانك فئران الهواجس، ومرت بجانبك حاملة وطنك معها.
يبقى يقين واحد لا يمكنك نفيه وهو أنك تشعر بالغثيان هذه الليلة، وأن غريمك يبتسم بلا قلق بين احضان احلامه…