للسراب أفق بعيد، يلاحقك في المسير، يصرخ بأنك لن تصل إلى الماء، يضل الجمع في تيههم، رغبة في الوصول إلى الأرض، لكن السماء فرغت من الآلهة والواحة لا تنبت المزيد من الانبياء. أربعون من السراب، والهواء الراكد يرتفع من أفق البحر، لا صحراء في هذا الفراغ من الحلم واللاجدوى، يرفع رأسه، يرتدي وجهاً لا يليق بنا، ويتعلم النطق لمرة أخرى.
يا ابي الذي على الارض ليخلد اسمك في اسمي ولتكن لي نفساً ونبض، اعدني إلى يقينك الدافئ قبل أن ينحدر الألم من سماء البشر، انتشلني من برد جحيمه، ولا تطعمني خبزاً من كفيه، لا تسقني نبيذاً من بئره المعين، وكن للمؤمنين بنبوأته من الكافرين.
لك المحبة والمجد النابت في صحراء الرمق.. ولنا السراب العطش أو لنا البحر الأجاج..
أه يا أبي، متى تمنحني قلباً أخيراً لهذا الجدب..
متى أكون لك من الراحلين..
يقف فوقنا مستبشراً بالجبال العبيد، يحلق بلا وجل نحو الشمس، يرتفع إلى عليائه، يقبض على سرابه الشرس، يسقط بالقرب مني وهو يرتعش، يلقي بألواحه المغموسة بالعذاب، ويرحل مع السراب حيث ينكسر الأمل، الماء لا ينبجس من تحت أقدامهم، والصحراء تقتات على الاحلام، ليس لهم سوى الهتاف لسماء تزفر بالموت، ليس لنا سوى هذه الأرض، ليس لي سوى الغضب.