الطريق مثقلة بالرحيل، لكن المسافرين يعبرون المفازة التي تفصل المودعين، يمر بي ولا يرفع يداً بالوعد، فكما قيل لا مكان لك على هذا الشفير. أصحو على صوته وهو يلقي بهداياه الممتلئة بالنعاس والحلم، أسقط على رأسي للمرة الألف وارنو إلى أعلى التلة لأرى الصخرة تتفتت إلى رمال اللهب، يردد أن الطريق التي تنعطف عند تلك المدينة لا تؤدي إلى مقصدك، يرمي بعصاه إلى النار ويتلقف بيده بقية أفكه المبعثر قرب منحدر الهزيمة.
يطلق سرباً من العبث، ولا أرى أخضراراً لهذا الخريف، سماء الظهيرة تنذر بركام من الغبار والبحر يتراجع حتى يتلاشى الأفق. خذ هذه الأمنيات وبعض ذكرياتٍ، وقدمها نبيذاً مالغاً للعطشى عندما تعلن انتصارك على المقهورين بك، حينها سيعلو صراخ العائدين من مدن الغيوم الممطرة.
لا مكان لهم تحت ظلال غربتك..
ولأبناء السفلة أن يرقصوا ويقيموا ولائمهم من فرح عينيك وقلبك..
ولمن سار في صمته أن يتمتم بقرب النهاية..
أصحو للمرة المائة والأخيرة على بكائه اليتيم في هذا الليل المضئ، يقدم لي فرح طفولته وقبضة من أحلام اليقظة، انفخ في الصور وهي تترنح في ضوء الشموع، انفخ في الصوت وهو يعد بالمزيد، انفخ في القلب وهو يعلن السلام.