نعود إلى مشهد اخر، نصبح اطفالاُ نجلس بالمقعد الاخير في الصف، اتذكره الآن، يخبرني عن احلامه وطموحاته، يفرد صفحة من كراسته المدرسية ويرسم بداخلها ما بدا له، ألمح اسمه يشتعل بحياة بغلاف الكراسة.
اجلس بجانبه وألمح شعره الكث ويخبرني لما أتمعن في شعره، لا ارد، فهذا المشهد له وحده، يضع قلمه الرصاص على المقعد ويقول باطمئنان، في المستقبل سافقد هذا الشعر وساصبح مثل ابي، يلتفت لي يبتسم، كم هي عريضة ومبهجة ابتسامته، تتسع الابتسامة وتتحول إلى ضحك برئ.
اقترب يقول لي اريد ان اهمس بشيء في اذنك، اقترب، ادني سمعي قرب فمه، يبوح لي بكل شيء، بما سيأتي وما سيكون، يجيب عن كل الاسئلة، يبتعد ويحدق بي وبيتسم مجدداً، يهز رأسه كأنه يؤكد على كل ما همس به، لا اجدني قادراً على مخاطبته، يقول قبل ان اذهب ساترك لك ابتسامتي وبضع ضحكات، وسابقى كما تحبني ان اكون طفلاً في الصف السادس بمدرسة قرقارش ارتدي مريولي الازرق السماوي، حاملاً كراساتي وكتبي، منتظراً جرس الرحيل.
ألمح اسمه يشع باخضرار الجنة، “معاوية كامل المقهور”، اقبله في جبينه وامد يدي مصافحاً، لكنني لا اصل. أمامي ارى الاصدقاء جميعاً يحدقون في السماء الزرقاء، تعلو وجوههم ابتسامة، اعرف هذه الابتسامة جيداً انها ابتسامته، ارسم ابتسامة خجولة على وجهي واقف معهم محدقاً في السماء لألمحه هناك، عابقاً بالحياة مبتسماً كالجنة.
معاوية إلى لقاء قريب يا صديقي..