اليوم وبعد نوم عميق خرجت بصحبة أخي في جولة نفقدية لمعالم المدينة المتعددة وللقاء بعض الاصدقاء. أول الاسئلة التي يطرحها عليك هؤلاء، والتي تسبب لي بعض الانزعاج، هو كيف وجدت البلاد، هل تغير شيئاً؟! ولكنه لا ينتظرك لتكمل اجابتك وانما يسارع بالنيابة عنك بالاجابة ببداهة، “ما تغير شيء، أي لم يتغير شيء كما ترى”، وكثيراً ما كنت اتسأل ما المقصود بهذا السؤال، بمعنى علينا أن نعرف ما معنى التغيير المطلوب، هل هو تغيير في المباني والطرق، أم في الافراد والسلوكيات أم في الاحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أم أنه سؤال لا يبحث عن اجابة متعمقة وإنما يسعى للحصول على اجابة عفوية سطحية، ذات طابع انفعالي، كما تسعى إلى تطمين السائل إلى أن قناعته بلا جدوى حياته على هذه الارض هي الحقيقة والمسلمة الاولى لذا قمن باب أولى أن تتفق معه حولها لمحاولة ايجاد ارضية مشتركة للنقاش بعدها.
ما رأيته اليوم في طرابلس في جولتي السريعة، يشي بأن التغيير هو واقع وممكن، وهو يحدث على الارض في ليبيا، ولكن لا معنى لتغيير في الاشكال والمباني والطرق والهدم والازالة ويافطات براقة وضخمة تحمل رسومات متخيلة لمشاريع معمارية عملاقة ، لا معنى لتغيير في زيادة عدد المحال التجارية وعدد السيارات الجديدة والفخمة، وعدد اجهزة النقال الحديثة والرخيصة، لا معنى لتغيير عن طريق رفع شعارات تحمل افكار عصرية وتوجهات طوباوية، التغيير لكي يحدث يحتاج إلى أن يساهم افراد المجنمع في جعله حقيقة وواقع، أن يشترك الجميع في خلق روح من الايجابية للعمل على الرفع من سلوكيات ومواقف هذا الشعب ومن ثم سيكون التغيير ممكناً. ما رأيته في يومي الأول هنا يدعو للتفاؤل، وهي أحدى عاداتي المملة التي لن اشفى منها على اية حال، ويدعو لتجاوز ما نراه من ركام المباني المهدمة والوعود البراقة لمشاريع جديدة وهو حديث الشارع اليومي في ليبيا منذ اشهر إلى تحديد ما يمكننا نحن القيام به من أجل تحقيق التغيير الذي ننشده من خلال السؤال الذي لا يبحث عن اجابة في الوقت الحاضر وهو “ما الذي تغير في ليبيا؟”.
_________